فى العاشر من يناير الجارى (2021) تشهد جمهورية كازاخستان أكبر جمهوريات آسيا الوسطى من حيث المساحة، استحقاقا نيابيا جديدا لاختيار اعضاء برلمانه وكذلك مجالسها المحلية فى ضوء تعديلات دستورية وتشريعية هدفت إلى تعزيز الممارسة الديمقراطية، وهو ما أكد عليه الرئيس الكازاخى قاسم توقاييف منذ توليه السلطة فى يونيو 2019 خلفا للمؤسس الأول نور سلطان نزارباييف، حيث اجريت الانتخابات الرئاسية بين سبعة من المرشحين تمكن توقاييف الذى ينتمى إلى حزب نور أتاون والذى يرأسه نزارباييف من الفوز بالمقعد الرئاسى لتنطلق مرحلة جديدة فى عمر الدولة الكازاخية وضع طموحها الرئيس توقاييف استنادا إلى الاسس التى رسخها المؤسس الاول للجهورية.
ومن هذا المنطلق، تكتسب هذه الانتخابات أهميتها من عدة جوانب، أبزرها: أنها الانتخابات البرلمانية الاولى التى تجرى فى عهد الرئيس المنتخب جديدا توقاييف الذى أكد حرصه على احترام الارادة الشعبية فى انتخابات شرعية وشفافة، من خلال الوقوف على مسافة واحدة من جميع المرشحين فى هذه الانتخابات التى تجرى وفقا لنظام القوائم الحزبية، وهو ما يعنى أنه رغم انتماء توقاييف إلى حزب نور اتاون المشارك فى هذه الانتخابات بـ 126 مرشحا، يسعى إلى ترسيخ اسس الديمقراطية السليمة المعبرة عن الارادة الحقيقة للمواطن الكازاخى. كما تعد هذه الانتخابات هى الاولى من نوعها ما بعد التعديلات الدستورية والتشريعية التى اعطت مزيدا من الحريات للمعارضة لتتمكن من المشاركة بفاعلية فى بناء الوطن، يدلل على ذلك انشاء الرئيس توقاييف معهد برلمانى للمعارضة ليعاونها فى خوض الاستحقاقات النيابية وتمكينها من الحصول على مقاعد تحت قبة البرلمان.
وغنى عن القول إن ادراك الدولة الكازاخية لأهمية هذا الاستحقاق النيابى، دفعها إلى اتخاذ جملة من السياسات الهادفة إلى اجراء انتخابات شفافة ونزيهة، بدءا من اعداد الكشوف وفتح باب الترشح وفقا للقوانين المنظمة، مرورا باتخاذ كافة التدابير لضمان وصول صوت كل مواطن إلى صندوق الاقتراع بكل حرية ودون ضغوط من هذا الحزب او ذاك، وصولا إلى مرحلة فرز الاصوات بكل شفافية ومصداقية فى ظل وجود بعثات مراقبة من مختلف دول العالم إلى جانب التغطية الاعلامية واسعة المدى بمشاركة كافة وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروء والالكترونية كذلك.
يؤكد كل ما سبق على ان الطريق الذى انتهجته كازاخستان فى سبيل تعزيز العملية الديمقراطية يرجع إلى ما قبل تولى الرئيس توقاييف، إذ حرص الشعب الكازاخى منذ حصوله على استقلال دولته، على أن يكون مشاركا وفاعلا فى صناعة قراراته المصيرية وتحديد توجهاته السياسية ورسم خططها المستقبلية، وتأتى الانتخابات النيابية والمحلية فى هذه المرة ما بعد التعديلات الدستورية والتشريعية لترسخ المشاركة الشعبية الهادفة إلى النهوض بالدولة الكازاخية تحت قيادة سياسية تعى تحديات الواقع وتهديداته وتتطلع إلى المستقبل بآفاقه الرحبة، وذلك كله للوصول بجمهورية كازاخستان إلى مكانتها الاقليمية والدولية التى تستحقها.