شهدت مكتبة الإسكندرية صباح اليوم افتتاح مؤتمر «التعايش والتسامح وقبول الآخر.. نحو مستقبل أفضل»، الذي ينظمه مركز الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية في الفترة من 22 وحتى 24 نوفمبر 2022م، تحت رعاية الأزهر الشريف وبالتعاون مع الاتحاد الدولي للمؤرخين
افتتح المؤتمر الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، والأستاذ الدكتور سلامة داود؛ رئيس جامعة الأزهر، نيابة عن فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا الأنبا تواضروس الثاني؛ بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وفضيلة الدكتور محمد مختار جمعة؛ وزير الأوقاف، وفضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ علي جمعة؛ رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الديار المصرية السابق، والدكتور علي عمر الفاروق؛ المدير الأكاديمي لدار الإفتاء المصرية ومدير عام الإدارات الشرعية لدار الإفتاء المصرية نيابة عن فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، والدكتور القس أندريه زكي؛ رئيس الطائفة الإنجيلية في مصر، وغبطة البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق؛ بطريرك الإسكندرية وسائر الكرازة للأقباط الكاثوليك والدكتور نظير محمد عياد؛ الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والأستاذ الدكتور حيدر جاسم؛ الاتحاد الدولي للمؤرخين. وقدم الافتتاح الدكتور لؤي محمود سعيد المشرف على مركز الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية
رحب الأستاذ الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، بالسادة الحضور في هذا المحفل العلمي الذي يطرح قضايا التسامح والتعايش وقبول الآخر، مؤكدًا أن مفهوم التسامح يستدعي معاني كثيرة، فهو العمود الفقري في العمران البشري، وقد أكدت الأديان هذا التوجه، في دعوة للتضامن والتكامل من خلاله. وأضاف أن المعنى الثاني هو مفهوم “الآخرية”، الذي ظهر مع المجتمع الحديث الذي يقوم على المواطنة، ويقوم على فكرة الاعتراف بالآخر والتعايش معه
وأشار الدكتور أحمد زايد إلى أن التسامح يستدعي أيضًا مكتبة الإسكندرية القديمة ومدينة الإسكندرية، حيث قدما نموذجًا للتعايش الإنساني الخلاق، فالمكتبة فتحت أبوابها لكل فلاسفة وعلماء العالم، بينما فتحت مدينة الإسكندرية ذراعيها لكل من يطأ أرضها
وقال مدير مكتبة الإسكندرية إن المؤتمر يأتي ليؤكد على أهمية التعددية والعيش المشترك من خلال مناقشة قضايا مختلفة وطرح مقترحات جديدة ومبتكرة لدعم التسامح ونبذ التطرف. ولفت إلى أن المؤتمر تقدم إليه عدد كبير من البحوث ويحضره عدد كبير من رجال الدين وفلاسفة الأخلاق، وسوف يتم ترجمة توصياته ومقترحاته للغات مختلفة
وقدم الدكتور أحمد زايد مقترحًا بإنشاء “منتدى الإسكندرية للتعايش والتسامح” بمكتبة الإسكندرية ككيان موحد يجمع كل المؤسسات والمنظمات المهتمة بموضوع التعايش، ويقدم جهد بحثي حول تحديات ومشكلات التعايش، ويعقد لقاءات دورية، ويضع خطط وحلول قصيرة وطويلة المدى
وتحدث الأستاذ الدكتور سلامة داود؛ رئيس جامعة الأزهر، نيابة عن فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، حيث نقل تحيات الأستاذ الدكتور أحمد الطيب ورجاءه بالتوفيق والنجاح للمؤتمر والوصول لتوصيات تضع لبنة في بناء التعايش والتسامح وقبول الآخر
وأكد أن الإسلام قضى على التفرقة العنصرية وهدم بنيانها، وأزال الفروق بين الطبقات الاجتماعية. وأضاف أن الكتاب العزيز قرر التعايش والتسامح بين الأديان كلها، فكل إنسان حر في أن يختار دينه، ولا يكره أحدهم أحد على دينه، ثم لم يجعل الفصل بين أهل الأديان المختلفة إلا لله وحده
وأكد أن الإسلام قد احترم دور العبادة، وأمر بالمحافظة عليها، كما أمرنا عند الحوار مع الآخر أن نتخير أفضل طرق الحوار وأحسنها وأهداها، دون إغلاظ في القول. وشدد على أن الإنسانية كلها تشترك في الدعوة لمكارم الأخلاق والفضائل الإنسانية، ودعا حكماء العالم للتراحم والتآلف والتجاور ومواجهة الأفكار التي توقد نار العنصرية والحرب والدمار.
ولفت إلى أن الأزهر الشريف له عملين رائدين في موضوع هذا المؤتمر، الأول هو “وثيقة الأخوة الإنسانية”، وهي وثيقة عالمية بين الإمام الأكبر شيخ الأزهر وقداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، وكان لها دورًا كبيرًا وفعالًا في نشر الأخوة والتسامح. أما العمل الثاني فهو “بيت العائلة”، وهو مؤسسة مصرية رائدة توحد صفوف المصريين في وحدة رائعة بين المسلمين والمسيحيين
وفي كلمته، تحدث قداسة البابا الأنبا تواضروس الثاني؛ بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عن ثلاثة عناوين؛ هي: التعايش حياة، التسامح أسلوب حياة، وقبول الآخر هو جودة الحياة
وقال قداسة البابا الأنبا تواضروس الثاني إن الله خلق الإنسان عاقلًا وعاملًا وعابدًا، وخلق له العقل ليصبح منارة حياة الإنسان، والقلب ليستطيع أن يقابل الله في قلبه، وأعطاه مع العقل والقلب واليد نعمة الحرية. وجاءت الشرائع على اختلاف الأجيال لتنظم حياة الإنسان وتواجده وعلاقاته في أي مجتمع. وأضاف أن الله قد أعطى الإنسان عطايا كثيرة، أهمها حياته وعمره وأيامه، فالإنسان مخلوق من السماء، وموطنه السماوي هو الأساسي، وعندما يدرك الإنسان هذا الأمر يشعر أن وجوده على الأرض هو وجود مؤقت وبالتالي ليس له إلا أن يستخدم الوقت استخدام جيد وصالح ليعيش الحياة، فالتعايش حياة
وأكد أن التسامح هو أسلوب حياة وقيمة كبرى، وعندما يملك الإنسان طاقة التسامح فهو يبني على مفهوم مهم وهو أن كل الأشياء تعمل معًا للخير، لذلك فهو أسلوب حياة. أما قبول الآخر فهو جودة الحياة، فالله يريدنا أن نحيا حياة جيدة، ولا يمكن قبول الآخر إلا بالمحبة، وإذا امتلئ الإنسان بحب حقيقي للآخر لكونه إنسانًا
من جانبه، أعرب فضيلة الدكتور محمد مختار جمعة؛ وزير الأوقاف، عن سعادته بالتواجد في هذا الملتقى الديني الوطني الثقافي الإنساني في أعرق مكتبة علمية وثقافية في تاريخ البشرية، برعاية الأزهر الشريف وتشريف قداسة البابا. وأكد أننا من خلال هذا المؤتمر نبعث رسالة داخليه لعلماء الدين والمثقفين والمعلمين بأهمية أن تتحول ثقافة التعايش لثقافة شعبية في مختلف المجالات مع أبنائنا في المدارس والمساجد والكنائس، أما الرسالة التي نقدمها للعالم كله هي نفس الرسالة التي أرسلتها مصر في مؤتمر المناخ وهي دعوة للعمل معا لصالح الإنسان لكونه إنسانًا، وأن نواجه خطابات الكراهية والتمييز.
وأضاف أن التجاوز تجاه المحددات الكونية خطرًا بالغًا، فنحن نحتاج أن نحقق سلامًا مع الكون، وأن يكون التسامح داخل الأسرة، ومع الزملاء، داخل الدين الواحد، مع الأديان المختلفة أيًا كانت. ولا يمكن أن يكون التسامح نظريًا فقط دون أن يجد تطبيقًا على أرض الواقع.
من جانبه، أكد فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ علي جمعة؛ رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الديار المصرية السابق، أن هذا المؤتمر يأتي ليؤكد على ما في القلوب من حب ورحمة وتسامح، والإصرار على مواجهة أهل الفساد، والإصرار على عمران الأرض كما أراد الله
وشدد على أن مصر تقدم نموذجًا في التسامح والتعايش ينبغي أن نصدره للعالم، لافتًا إلى أن التسامح والتعايش وقبول الآخر جزء لا يتجزأ من الفطرة السليمة للإنسان، وأن أي نوع من الانحراف عن هذه القيم والأخلاق هو انحراف عن الفطرة